قال تعالى: {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ} [آل عمران: 110].
*الإضاءة الأولى: أيها الحبيب الأريب.. أنت يا من شرَّفك الله بأعظم شرف، ومنَّ عليك بأعظم مهمة- مهمة الأنبياء والمرسلين-، ألا تسير على منهاجهم؟ وتتخلَّق بأخلاقهم؟
*الإضاءة الثانية: أيها المحتسب.. أتظن أن الطريق أمامك مفروشٌ بالورود والرياحين؟ أم تظن أن الطريق أمامك سهلٌ ويسير؟ كلا، {وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ فَصَبَرُواْ عَلَى مَا كُذِّبُواْ وَأُوذُواْ حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا} [الأنعام: 34]. فاصبر كما صبروا، تنل بذلك العزة والرفعة في الدنيا والآخرة.
*الإضاءة الثالثة: يا رجُلَ الحسبة {ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل: 125].
*الإضاءة الرابعة: قد تجد من يضايقك.. ومن يسُبُّك.. ومن ينهشُ في عِرضك.. فحسبك بهذا شرفًا ورفعة إذا علمت أن نبيك وحبيبك محمدًا صلى الله عليه وسلم قد أوذي بأكثر من هذا.
*الإضاءة الخامسة: إذا أصابك الفتور والإحباط واليأس فتذكر أعداء الأمة الذين يكيدون لها ويسعون لغوايتها ليلًا ونهارًا، حينها ستعلم أنك في جهادٍ عظيم، وأمرٍ جسيم، فشمِّر عن ساعدك يا رعاك الله وقل: يا نفسُ ذهبت الراحة فلا راحة، إنما المستراح هناك عند أول قدمٍ تلِجُ بها باب الجنة.
*الإضاءة السادسة: يا أيها المبارَك.. لا أُراك أنت إلا من حماة الإسلام، وحرَّاس الفضيلة، وقُطَّاع الطريق على أهل الفجور والشهوات، ومن المرابطين على ثغور الأعراض، فهيا إلى ساحات الاحتساب، وثِق بالله الذي هو ناصرك وحافظك وحاميك.. ألا ترضى به؟ قل: اللهمَّ نعم.
*الإضاءة السابعة: اِعلم أن أعداء الفضيلة وبُغاة الرذيلة، لا يألون جُهدًا في أن يصدُّوك عن مطلبك، ويبعدوك عن غايتك تحقيقًا لرغباتٍ دنيئة يسعون إليها فتنادَوْا وتواصَوْا على ذلك، فلا تترك لهم مجالًا، ولا تدَع لهم سبيلًا، فامضِ في طريقك، ولا تلتفِت وراءك، فإنهم مخذولون مدحورون عما قريبٍ بإذن الله وستذكرون ما أقول لكم.
*الإضاءة الثامنة:
لا تنهَ عن خُلُقٍ وتأتي مثله *** عارٌ عليكَ إذا فعلتَ عظيمُ
فأْتمرْ بما تَأمُر.. وانتهِ عما نهيتَ عنه.. واجعل تقوى الله شِعارك.. وإياك أن تكون ممن قال الله فيهم: {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ} [البقرة: 44].
*الإضاءة التاسعة: عليكَ بالاعتماد على الله، والالتجاء إليه، والاستعانة به أثناء سيرك في طريق الاحتساب، وأكثر من عبادته والتعلُّق به {وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ} [البقرة: 45]، فإنه خيرُ معين، وأكرمُ من يُلتجأ إليه، وأعزُّ مَن تُفوَّض الأمور إليه.
*الإضاءة العاشرة: اِعلم يا رجل الحسبة أنني أُحِبك، وأجِلُّك، فلا تنسني من دعوة صادقة في ظهر الغيب.
أسأل الله أن يقيني وإياك شرور الفِتن، وأن يبعد عنا سوء المِحَن، وأن يجعلني وإياك مباركين أينما كنا، إنه خير مأمول.
الكاتب: عبد الرحمن بن محمد السيد.
المصدر: موقع رسالة الإسلام.